الأربعاء، 14 مارس 2012

لأن الحياة وحدها لا تكفي !


بعيداً عن هواجس الكمال والمثالية التي أطّرها أفلاطون في "مدينته الفاضلة" وبعيداً عن خوارق "السوبرمان" .. بل حتى عن "العالم الأكبر" الذي عناهُ عليٌّ عليه السلام في مقولته الشهيرة ..

أتحسب أنك جُرمٌ صغير
وفيك أنطوى العالمُ الأكبر

لم يكن لبشرٍ أياً كانت كمالاته وخوارقه وعالمه المتسع ، أن يعيش التجارب الممكنة كلها "فضلاً عن اللا ممكنة" ، ولا أن يرتكب أكثر مما تتسع له لحظات العطاء التي تنتابه وشغف الاكتشاف الذي قد يعتريه.
هذه المحدودية في أزقَّةِ وساحات مدينة أفلاطون ، كما في جسد السوبرمان و طاقاته .. ليست كاتساع العالم الذي ينطوي فينا وإن حسِب الواحد منا نفسه جُرماً صغيراً .. جرّب متعة السفر بخيالك إلى أي مكان واستشعر التجربة العظيمة التي ستعيشها، عِش دور البطولة في معركة تاريخية تكون أنت فارسَها، كُن ذاتَك التي تبحث عنها ولو للحظة واحدة لترى إن كان حدٌّ أو إطارٌ أو قانونٌ قادرٌ على أن يحتويك.
أمَا وقد تزاوجت فينا حدود الماديّ واتساعُ الروحي فتشكّلَ الجسدُ المحدود والعقل المنطلق والخيال المسافر، فالمعادلة أصعب من أن توصف، آفاقٌ رحبةٌ وأحلام مسافرة .. محبوسةٌ في جسد خاضعٍ لقانون المحدود.

"نكتب .. لأن الحياة وحدها لا تكفي"
هكذا حلّها مُبدعٌ لو لم يكتب سِواها لكان خليقاً بالعرفان و التقدير، فالكتابة عالمٌ من اللا محدود، فيه اتساع الكون و أكثر، فيه أن يمتطي الحُرُّ صَهوةَ الكلمةِ طالباً الوصول وإن طال السُرى، هي ارتكابُ الحُلمِ ومُمارسَةُ الأمنياتِ ، هي أن تكون وفياً لأمانيك وخيالاتك بالحد الممكن ، والممكنُ هنا واسعٌ و لا يُكلِّفُ إلا أن تكتب.
"أن أكون كاتباً يعني، ببساطة، أن أكون مخلصا لمخيلتي عندما أكتب شيئا لا أطرحه على انه حقيقي موضوعيا، وإنما حقيقي لأنه وفي لشيء أعمق. عندما أكتب قصة، أكتبها لأني أؤمن بها: ليس كما يؤمن أحدنا بشيء تاريخي محض، وإنما بدقة أكبر، مثلما يؤمن بحلم أو بفكرة"خورخي لويس بورخيس شاعر أرجنتيني

"مثلت لي الكتابة في البداية، شكلا من أشكال الرضى الطفولي بالاختلاف وإن لم تكن لديّ مهارات الآخرين في الاشتباك مع الحياة. لكن مع ذلك لديّ شيء يخصني: وهم أو حلم جميل يمنعني من الشعور بالعجز. كان استراتيجية دفاعية تسلكها من تحوك الخيوط لتمضية الوقت."رنا التونسي شاعرة مصرية

"فلماذا تكتنفنا العزلة الرهيبة لحظة الكتابة..، ألانها عزلة الحلم المدجج بالفخامة بأروقته الشاسعة، عزلة تحطم العزلة!" ليو تولستوي أديب روسي

10/5/2008م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق